اشترك:

الثلاثاء، 25 فبراير 2014

الشوق الموجع

الشوقُ هو شيئ مُوجع و مُرهق، كأن تنام على وسادَتك بينما يكون هُنالِكَ شيئ ناتئ تحتها .. الشوق أرهق مافيه أنه مهما حاولت أن تهرب منه و تُغَلِق الأبواب و النوافذ فإنه مثل الغُبار الناعم يتسرب إليك في عُزلَتك.
إقرأ المزيد ›› Résuméabuiyad

بيني و بين نفسي


ها أنت ذا قد عدت إلى غيك القديم، تجلس في جوف الليل كإمرأة إفريقية عجوز تحمل نول داخل كوخ قديم نائيٍ وناتئ على شاطئ نهر الكونغو، تنسج لأحفادها سترات صوف تستر أجسادهم من هوام الغابة القريبة، وأنت نولك قلمك وما الصوف إلا حبرك الدرويش الصوفي الذي يدور و يدور. ها أنت ذا تعود وتنبعث من رمادك ﻷنك فيما مضى كنت كموجة تُقبل رمل الشاطئ مرة واحدة فتنطفئ على حدود البحر و اليابسة، تعود إلى عِشقك القديم، عُشِك القديم رغم علمك بالنوارس التي نادراً ما تسكن إلى أعشاشها تحب التحلق مع الريح فوق البحار ولا تستريح.
أخبرني وأنت عائد إلى طريق الكتابة هل تحسست آثار خطواتك ومخبأ يراعك القديم وأوراقك العتيقة، هل إنحنيت لتشتم عطر زهرة تنمو في الركن البعيد عن الضوء؟، هل قبلت جبين ذلك الطفل الذي يبيع العلكة للعشاق في شارع النيل ليزرع الوُد في قلوبهم مساءً، و يزرع الطريق صباحاً بالأمل وهو يسير إلى مدرسته حافي القدمين ترتسم على وجنتيه إبتسامة رضا؟، إن لم تفعل ذلك فلا تعود إلى الكتابة أبداً لأن القلم الذي لا يكون مثل سماعة الطبيب يحس بنبض قلوب الآخرين ويتحسس أوجاعهم و أفراحهم وكل إحساس ينتابهم، أولى أن نلقي به في خزانة حديدية مغلقة بقفل مفقود المفتاح، خزانة لا منفذ فيها سوى ثقب صغير لا يتسع إلا لسقوط الأقلام الميتة عبره.
يا "أنا" لقد أرهقتني بأسئلتك، ولكن دعني أخبرك عن أي الأشياء سوف أكتب، سوف أكتب عن العشاق الذين تلدغهم عقارب الأشواق كل مساء ,وعن تلك الطفلة بائعة أطواق ورود الفل في مساءات الخرطوم هذه المدينة المكتظة بالعشاق المُزيفين، سوف أكتب عن كل ذلك في ذات اللحظة التي أكتب فيها عن أحلام الذين إفترشوا دمائهم عشقاً لوطنهم وحلم الحرية وحمائم السلام، كل ذلك في لحظة كتابة واحدة لا تفصل بينهم أي علامة ترقيم تتوسطهم ببلاهة، سوف أكتب عن الأسواق التي تكتظ بالباعة ولا أحد يشترى ﻷن الجنيهات كلها محبوسة في جيب ذلك الضخم الجالس على كرسيه لا يفعل شيء سوى لعق الملح العالق على جبين الذين يكدحون اليوم بأكمله ليعودوا إلى طفلاتهم الصغيرات بأقراص خبز و قليل من حليب.
سوف أعود ولن أسلك سوى طريقي القديم الذي أحن إليه فيحنو علي ويتمدد أكثر فأكثر إلى ما لا نهاية، و أنا بى رغبة أن أمضي عليه وإن أفضى بي إلى طُرقات أخرى.
ياهذا سوف أكتب و إن تحول قلمي إلى عنكبوت فإنه سيظل قادراً على نسج الخيوط.... هذا قدرنا قلمي و أنا.
إقرأ المزيد ›› Résuméabuiyad

حجة خديجة

عن أمي حجة خديجة بائعة الشاي في "أتنية" أروي حديث حميم تحدثني به كلما أتيت إليها ورأسي "يطنطن" من تراكمات الذاكرة، تسألني:-أسوي ليك شاي؟أجاوبها بنعم حنينة كرائحة النعناع التي تفوح من كوب الشاي الذي أرتشفه حتى آخر قطرة تسقط داخلى فمي لتسترح داخلي بعد سفر طويل من مزارع الشاي في كينيا مرورا بماكينات التعبئة وعربات الشحن والطرقات المتعرجة الوعرة هنالك على الحدود حيث عساكر الشرطة المرتشين الذي يسمحون لمرور شحنة الشاي بعد أن تمتلئ جيوبهم بعلب الدخان، يعبر الشاي كل ذلك ليتحول بعدها إلى كوب شاي بالنعناع تحضرة حجة خديجة لتستريح بعده آخر قطرة داخل جوفي و أستريح بعدها أنا عندما يتعرق حبيني وتلفحه نسمة هواء باردة، أحس بطيوف نعاس لذيذ في هذا المكان "أتنية" حيث قلب العاصمة الخرطوم، قلبها القديم الذي مازال يتسع لإستيعاب الجميع مثقفين، سياسين، فاشلين، باعة جائلين و بعض الذين يبحثون عن فتات عشق ينعش أرواحهم المصابة بالجفاف، تستوعبهم جميعا حتى الغرباء أصحاب العيون الصغيرة الذين يأتون إلى هذا المكان لشراء المنحوتات الفلكلورية و المشغولات اليدوية، أقهقه في داخلي عليهم لأنهم بالأمس كأنوا يأتون إلى بلادنا عمال إنشاءات ما أن ينتهون من عملهم حتى تختفي الكلاب من المنطقة المحيطة بمكان عملهم وإلى الأبد لأنهم يدخلونها في سلسلتهم الغذائية مع بعض البهار والخضروات، أضحك في داخلي ساخرا ﻷنهم أصبحوا يجيئون وهم يمتطون فارهات سيارات مراسم القصر الجمهوري فهذه وحدها صورة فلكلورية منحوتة بسخرية ساخطة.هذا مكان حميم حتى الحمام يأتي إليه ويتطاير حول ذلك المجنون الذي يقدم له جزء من طعامه الذي يحملة داخل جواله البلاستيكي المهترئ.أطوف .. أطوف ومن ثم أعود لحجة خديجة وهي تقلب نار الفحم وتنفض عنها الرماد لتعد كوب قهوة لشخص جاء متبرما و أخذ يمتص دخان سجارته بشغف شديد، أنظر إلى حجة خديجة مبتسما وأحدثها كفافا عن بعض الأشياء الصغيرة من شظف عيش وعبس سياسة فتحدثني عن إرتفاع أسعار الشاي وزيادة تعريفة المواصلات وعن ذلك "الحكيم" الذي يأتي ليحتال بعض الجنيهات من زبائنها مدعيا أنه شاعر و مثقف و مفكر وربما عالم آثار ولو أنك صبرت قليلا فإنك سوف تعلم منه أنه من إكتشف كوكب المريخ ثم يأخذ جنيهاتك وينصرف لتجده بعد نصف ساعة عند طرف الطريق يترنح بعد أن تحولت جنيهاتك لمشروب روحي بلدي، هههه أضحك لحديث حجة خديجة وقبل أن إنصرف تقدم لي كوب شاي وتقول:-أشرب الشاي دا أنا عازماك ليهوانصرف بعدها أحمل في روحي ذرات حميمة من هذا المكان .. ذرات تلتصق بي و تشدني للمجيئ مرات اخرى لتدور ذات الصور و الأحاديث الحميمة.."أتنية" مكان له سحر يشدك إليه، وحجة خديجة لها روح خفيفة تدخلك بسهولة ولا تخرج أبدا..

29-1-2014
11:40pm
إقرأ المزيد ›› Résuméabuiyad

السبت، 6 أكتوبر 2012

مافي القلب إلا الحب

الذاكرة هذا الصباح تجرجرني عميقاً صوب مكان غير محدد المعالم و شخوص غطت ملامحهم أتربة الأيام. . رغم الإبتعاد مازلت أكن لهم الحنين و أحتفظ لهم بمكان دافئ داخل القلب. .
الأحباء. .
الأصدقاء..
لم يغيبوا عن هذه الذاكرة التي تركت الأيام بعض الصدوع على جدرانها و لكنها ماتزال متماسكة تواصل السير مثل قطار (حافي العجلات التي تدميها قضبان الحديد) .. هكذا يا أيها القطار هذا القلب مثلك تدميه سخونة الرحيل..
.
.
مافي القلب إلا الحب
5/10/2012

إقرأ المزيد ›› Résuméabuiyad

الاثنين، 10 سبتمبر 2012

جُلباب الوطن المثقوب


هذه البلاد (السودان) أحبها رغم أنها عندما ترفع جُلبابُها ينكَشِفُ حال البسطاء و الفقراء فيها  .. و أحبها عندما ترفع جُلبابُها أكثر فتنكشف سوءة الذين ينامون فيها على تُخمةٍ من أمرِهِم ..
هذه البلاد أحبها رغم أنها كلها عورة .. و رغم أن جُلبابُها مثقوب من كل الإتجاهات أحبها جداً جداً جداً ..

طــارق رحيـــم
15/06/2012
إقرأ المزيد ›› Résuméabuiyad

الاثنين، 3 سبتمبر 2012

حديث المساء

حدثني حدسي عن إحساسي قال:-

(أوصد بابك باكراً هذا المساء و نام , فالأحلام لا تأتي عبر الأبواب .. ربما تراها اليوم إن كانت أمنياتك صادقة)

أخرجه إحساسي هذا المساء
إقرأ المزيد ›› Résuméabuiyad

الثلاثاء، 14 أغسطس 2012

بائع الليمون


الشمس تتوقف في كبرياء  تتعامد على رؤوسنا،المكان قد يكون أي نقطة على أسفلت هذه العاصمة ذات السيارات المسعورة بالسرعة و اكتظاظ البشر ، و لكن هذه المرة بالتحديد المكان هو مدخل كبري (كوبر)،الوقت منتصف النهار، الحالة جفاف حاد في حلوق الصائمين الذين يتوقفون في محطة (البص) ينتظرون الدواب الميكانيكية ذات الجلد المعدني المسماة حقيقة (بصات) و الناس (يبصبصون) خلسة إلى الناحية التي تأتي منها هذه الدواب ليبدأ بعدها الركض و الركل و التزاحم ، فالكل يحمل أناه ليلقي بها على مقعد داخل (البص) ، حشرٌ كبير من المتزاحمين، كل واحد منهم يصيح (نفسي .. نفسي) ..
أحس أن الشمس في هذه اللحظة تتعامد على خط راسي وحدي، و على الرصيف أسيح عرقاً و على الرصيف الآخر يصيح فتىً في منتصفِ العقد الثاني من العمر يقول:-
الليمون .. الليمون
و يركض خلف السيارات حاملً أكياس الليمون بكلتا يديه و لا يكف عن الصياح أبداً (الليمون .. الليمون) فهو يبيع الليمون لأصحاب السيارات المسعورة على شارع الإسفلت ، أحذت أراقبه و هو يركض يركض يبيع كيس ليمون لهذا، و يركض خلف تلك السيارة الفارهة التي أشترى من بداخلها كيس ليمون أصفر ثم أصبحت إشارة المرور خضراء معلنة بدء الركض من جديد، ركض الجميع بمن فيهم الفتى بائع الليمون خلف السيارة الفارهة لكي يرجع لصاحبها ما تبقى له من نقود ..
صفارات السيارات تصرخ بجنون و الفتى يركض يركض في يده كيس ليمون و على اليد الأخرى باقي نقود صاحب السيارة الفارهة.
في لحظة ما توقف الجميع عن الركض .. السيارات .. المتزاحمون و فتى اليمون، و في هذه اللحظة أيضاً صمت الجميع  عن الصراخ بعد أن صرخ فتى الليمون صرخة عظيمة تناثر معها الليمون على الإسفلت تناثر حبات مسبحة أنفرط عقدها و صاحبها درويش صوفي يدور يدور في ملكوت الذكر يبحث عن المدد ..
يد الفتى كانت ممدودة من تحت إطار السيارة التي صدمته و اللون الأحمر يسيل منها بشده لكن هذه اليد ظلت ممسكة بباقي نقود صاحب السيارة الفارهة الذي توارى عن الأنظار في نهاية الشارع مُخلفاً خلفه فتى يسبح في دمه و ليمون متناثر و يداً مُمسكةً بباقي النقود ..
عدتُ إلى المنزل .. و لم أستطيع أن أنسى تلك الصورة أبداً .. ففي المساء و مع أذان المغرب و بعد تناولي بضع تمرات أحلت صيامي تناولت كوب فارغ و بدأت أصب عليه العصير و ما أن تناولته حتى تذوقت طعم الإسفلت و شممت رائحة الدم مختلطة برائحة الإطارات المطاطة و سمعت ضجيج السيارات و رأيت يداً ممدودةً بباقي النقود .. و لم أستطيع إكمال العصير فقد كان عصير ليمون.
حاولت جاهداً إبعاد تلك الصورة عن مُخيلتي قدر الإمكان  لكنني لم أستطيع لأن هنالك سؤال أخذ يطرق باب رأسي بعنف ألا و هو ( أوليس المكان الصحيح لهذا الفتى هو مقاعد الدراسة بدلاً عن الرصيف ؟) أم هي أكاذيب مجانية التعليم التي تصدرها أعلى نقطة في هرم هذا الوطن فتسقط إلى القاع و لا ترى النور أبداً ..
و على رصيف آخر، فتى يافع آخر لم يتجاوز العاشرة من العمر يبيع قوارير المياه للمارة, اشتريت منه قارورة و سألته ( إنت بتقرأ مدرسة) أجابني (أيوة بقرأ بالصباح و بالليل ببيع الموية علشان أوفر قروش المدرسة و الفطور).


الجمعة 10/08/2012

إقرأ المزيد ›› Résuméabuiyad

الجمعة، 18 مايو 2012

ماذا أكتب ؟


هذا القلم عاندني ولم يكتب ما أرغب في كتابته .. بينما أحاول أن أعتصره ليسكب الحبر على الأوراق .. هذا الواقع المحبط .. ماذا أكتب ؟ عن الفساد ؟ كتبت .. كتبت و العمارات في قلب الخرطوم تستطيل بين ليلة و ضحاها .. و تنبت لنا الأرض أشخاص إنتفخت جيوبهم بين ليلة و ضحاها .. ننام لنستيقظ باكراً لنجد أن ولي أمر سلطة ما بالأمس عاث في الأرض فساداً  اليوم أصبح في منصب أعلى .. ملعون هذا القلم لماذا يعصيني و لا يرغب أن يخرج من جنة أفكاري، يظل ملتصقاً بسبابتي و الإبهام ، يكتب حروف عنيدة هي بعض من إنكسار و كثيرٌ من وجع .
لن أكتب عن الحرية و الديمقراطية و حقوق الإنسان حتى لا يصفني البعض بالمخبول .. و لن أكتب عن المساواة فهل أستوى أنا العبد لله مع أصحاب السموء العالي السادة الذي يتولون أمرنا؟  نسكن نحن هامش المدن و يسكنون هم خلف جامع كبير و أبراج كهرباء الضغط العالي .. مصابون بالتخمة و على أرصفة الخرطوم  أطفال (غسيل العربات و الأورنيش) ينامون و يأكلون من سلات النفايات إن وُجدت .. و الأسفلت يلتهم أقدامهم الحافية .. بينما أطفالهم يتوسدون المفارش الناعمة و يغسلون أياديهم في الطنافس بعد أن يأكلوا الحلوى ..  يغسلون أياديهم جيداً بعد الأكل بينما أولئك الاطفال الذين ينامون تحت خطي الفقر و الإستواء يغسلون العربات جيداً على أرصفة الطرق لأجل بعض جنيهات يشترون بها طعام رخيص  يسد الفجوة الغذائية في أجسادهم النحيلة ..
‏ هل أكتب عن صالة المغادرة بمطار الخرطوم و هي تكتظ بالأجساد التي فقدت أرواحها بفقدانها الأمل بواقع جميل فحملت حقائبها و أرادت الغياب و الغربة بأعداد كبيرة و بأعمار مختلفة شباب و شيوخ ، يا للوجع هل أصبح الوطن طارد لهذا الحد ؟  .. بكل تأكيد لن أكتب عن برلمان قوي لدرجة أنه يقرر ألغاء حفل لفنانة عربية جاءت تغني في حفل خيري لدعم أطفالنا المصابين بالسرطان .. بينما هذا البرلمان يفشل في حل مشاكل الحرب و مشاكل الفساد و نوابه يغطون في نوم عميق أثناء جلسة رسمية لحل مشاكلنا  ..
عن ماذا سأكتب ؟ عن صديقي الذي جاء من بلاد العم (سام) إلى هنا حيث بلاد العم (سأم - موت) .. حيث أصبح عقله مكتظ بالمعرفة و العلم و أدهشني بأفكاره .. بينما عقول أهلنا اما هاجرت أو عشعش فيها اليأس  و ماتت .. شتان بين إنسان يعيش بكامل إنسانيته و آخر لا يتعدى (الحيوانية) الصراع من أجل الأكل و الشراب ..
هل أكتب عن ليلة أمس خرجت أجوب شوارع الخرطوم ألتقط بعض الأفكار و أنفاسي في صيف بلادي الساخن .. أجوب الشوارع أبحث عن بعض الأمل الهارب في مجموعة من الشباب (شوارعية ) يرقصون و يغنون و يمثلون على رصيف شارع النيل يزرعون الأمل في عيون ضاع عنها الضوء و الحلم .. و يحاولون أن يجعلوا عقول الحضور الذين يتحلقون حولهم تستيقظ .. و مابين الغفلة و الإستيقاظ .. بعض النفوس الجميلة من الأصدقاء تحلق حولي تجدد في نفسي الأمل .. ثم أمضي و على رصيف الأسمنت طفل نائم من تعب أصابة بسبب غسل العربات طوال اليوم .. طفل على ما يبدو أنه في العاشرة من العمر، و طفل آخر إشترينا منه قوارير الماء لنطفئ عطشنا .. سأله صديقي بعض أن أعطاه جنيهات الماء ( إنت بتقرأ ؟ ) أجابه ( نعم ) ثم مضى لحال سبيله طفل يعمل مساءاً ليدفع ثمن التعليم صباحاً في وطن يتبجح البعض فيه بالحديث عن مجانية التعليم .. ثم مضيت و مضت الأحلام إنحساراً تكاد أن تنضب .. و الفيتوري يحاصرني :-
دنيا لا يملكها من يملكها
أغنى أهليها سادتها الفقراء
الخاسر من لم يأخذ منها
ما تعطيه على استيحاء
و العاقل من ظن الأشياء هي الأشياء أرجوك سيدي توقف و لا تطن في أذني .. خذ ياقوت عرشك و إنصرف عني .. و صدقني أن الرابح فينا أصبح من صار و الياً للأمور و يحكم بالسيف و النار .. يقتل .. ينهب .. يسرق .. و الخاسرون هم الفقراء الذين يتسولون الخبز على الرصيف ..

(طارق عبد الرحيم (قولي
الجمعة 18/5/2012

إقرأ المزيد ›› Résuméabuiyad

الثلاثاء، 24 أبريل 2012

فاشر السلطان


إحساس غريب اجتاحني و أنا ألملم أشيائي من متاع و بعض التخيلات لقافلة تخرج من مكان ما محملة بالبخور والعطور تعبر الفيافي لتعبر البحر الأحمر ,يحرسها فرسان أقوياء من أشرس مقاتلي السلطان علي دينار الذي أعتاد أن يرسل هذه القافلة كل عام لكسوة الكعبة الشريفة ,هكذا كنت أحزم حقيبتي و أنا أردد بلا وعي كلمات لأحد أصدقائي كان يباغتني بها كلما سألته عن أفضل زمن تمنى أن يعيشه , فكان يقول لي :
يوم كنا نبعث للكعبة كسوتها .
الرغبة والرهبة وشوق دفين بدأ ينتفض من رماده و وخز حزن أخذ يلسعني كلما إقتربتُ من الطائرة التي ستقلني للمرة الأولى صوب الغرب وإلى مدينة الفاشر بالتحديد , إذاً هي المرة الأولى التي أركب فيها طائرة والمرة الأولى أسافر فيها صوب إحدى شرايين هذا الوطن المقطوع في الأطراف , غريب أنا في هذا الوطن ,هذا الإحساس تملكني و أنا أجلس داخل الطائرة تحيطني وجوه لم آلفها من قبل داخل أسوار الوطن بهذه العددية الكبيرة ,من بلاد البنغال وشيلي و النيجر ونيجيريا وباكستان وغيرهم , عبارة عن أفراد لبعثة الأمم المتحدة و الإتحاد الأفريقي في دار فور.
الغُربة تحاصرني ولم أجد ما يحمل معي ألمها غير كتاب (الجسد حقيبة سفر) لغادة السمان إذاً ها أنا أحمل جسدي وبداخله كل أمتعتي المعنوية أبحث عن دفء لوطن مفقود داخل جسد هذه الطائرة المكتظة بالوجوه الباردة من بريطانيين و أتراك ومصريين , لست أدري لماذا قفزت إلى ذاكرتي أيام الإستعمار ومحمد علي باشا و الدفتردار ورأس غوردون ومحمد أحمد المهدي يحاصر الخرطوم , وخيط طويل لتاريخ عتيق يحوم حول راسي إنقطع باصطدام عجلات الطائرة بمدرج المطار لحظة الهبوط معلنة وصولنا لفاشر السلطان علي دينار لنبدأ بعدها رحلة التوغل داخل المدينة صوب السكنات .
الفاشر مدينة تباغتك بالهدوء للوهلة ولافتة في الطريق إلى قلب المدينة مكتوب عليها (جتاً جيتو ) لتجد بعدها نفسك وسط السوق المذدحم بالخضار ومخلفات الحرب البشرية من أشخاص رسم ملامحهم الذعر والتشرد ,وفي الطريق  تناثرت الوجوه الشاحبة ,الإنسان ليس كما كان في السابق حيث أصبح منزوع منه دسم الطمأنينة فأصبح كأي طعام معلب منزوع الدسم .
أعترف يومها بأنني خرجت من دائرة الحزن الصامت بأن وجدت أعيني يفيض مدها المالح ليغرق جفنيها لتحتجب الرؤية ثوانيٍ معدودة لمنظر النساء القادمات من قرى إلتهمتها الحرب  وشتت و هن يقمن بالعمل في بناء المنازل يحملن الطين و الحجارة وينقلن الماء ,عجباً لهذا ..الرجال يحملون السلاح للدماء وحواء هنا تحمل الطين للبناء يا لها من متناقضات في زمن الحرب والفجيعة.
نحن نتصارع منذ أن وُجد وطن يسمى السودان ,برغم أننا كلنا نرجع لآدم وحواء إلا أن الصراع القبلي موجد فينا منذ أمد بعيد ,حملنا السلاح نتقاتل ما إنتهى القتل ولكننا كدنا ننتهي ,جربنا الحرب لعشرات السنين ولم نجني سوى الدمار والقتل والتشرد والتخلف ,فلماذا لا نجرب السلام والطمأنينة ولو لعام واحد وبعدها نقارن مابين الحرب والسلام.
ونفس السؤال يراودني ...
إلى متى نظل هكذا يا وطني ؟؟؟
إقرأ المزيد ›› Résuméabuiyad

السبت، 21 أبريل 2012

شوارعية .. سنابلُ قمحٍ على الطُرقاتِ


طالت الشمس
أم الغصن الذي استظللته
مالت به الريحْ
فأفضى سره الزمن
المفرق بيننا
فظاً فحظا؟!
عهدي بك الأيام
سوف تعود ذاكرة الليالي
وينقضي عنا زمان الغائبين
أتُرى نغيرُ ما بداخلنا
للحظة؟
(عثمان بشرى)

(شوارعية) شباب يصنع ريشه من الغناء و الشعر و التمثيل يُحَلِقون في طرقات الخرطوم، ينثرون الضوء في عتمات النفوس ..  مسرحهم الشارع (شوارعية)  يزرعون سنابل الأمل في أروح العشرات الذين يتحلقون حولهم .. ما أجملهم من شباب ..و ما أحوجنا لمثلهم لزراعة الخير في نفوسنا و إزالة (الغباش) من على عيوننا حتى نرى الحقيقة و الخير و الجمال من زاوية أكثر و ضوحاً و إفتضاحاً ..
علمت أن نشاطهم مساء الجمعة ( يوم الخميس 19/04/2011) خرجت أبحث عنهم بعد أن دلني إليهم صديق حبيب إلي و هو واحد منهم .. لم أتكلف الكثير من العناء للوصول إليهم .. فهم من البساطة أن يصلهم كل إنسان بسيط و من الجمال و الإبداع ما يجعل العشرات يتحلقون حولهم في دائرة كبيرة على رصيف ( شارع النيل ) مسرحهم هذه الدائرة من البشر و داخلها دائرة أخرى صنعوها من الشموع .. و صلت إليهم بعد إنطفاء الشموع بقليل .. فججتُ الحضور و حضرت ففاجؤني من الوهلة الأولى بفيض من الإبداع .. مسرح على الهواء و مسرحية يفعل الظل فيها ما يأمره صاحبه .. و أنا أصفق لهم لأنهم إخترقوا دواخلى و زرعوا فيها بزور الخير و الحب و قنديل من النور سوف يشع ..
غنوا للوطن و مثلوا للمواطن كيف يعيش (  ففي مسرحيتهم الساخرة و الساخطة إحتضان قدر الفول ، كان التمسك بالحق في الحياة ) علموا الحضور أن يشعلوا الضوء لمن يلعلن الظلام .. أما أنا فلعنت حظي العاثر لأنني عثرت عليهم متأخراً ..
غنوا صدقاً فكان إحساسهم يصل إلى القلب مباشرة يقولون للذين يتحلقون حولهم نحن منكم يا أهل الوطن السمح سماحة يوسف .. كم كنت فخور بهم لأنهم شباب يعرف الطريق إلى الصحيح وصحة أن يكون هنالك إنسان يستمتع بكل إنسانيته ..
( شوارعية ) كلمة كان يقولها الأهل للإبناء الذين جعلوا الشوارع مكاناً لنشاطاتهم الغير حميدة .. و لكن هؤلاء الشباب إستطاعوا أن يغيروا هذه المفردة من معناها السالب إلى مفهوم إيجابي يعمل على صنع أفكار سوية جداً لترسيخ مفاهيم الخير و الجمال و الحق و قبل كل ذلك جعل الجمال كما الخبز يمنحونه لكل من جاءهم يسعى و هم يتخذون شعارهم كلمات عميقة لـ(عثمان بشرى ) :-
نحن لا نغير ما على الأرض
ولكنا نصورها
بما يُرضي العصافير
وآراء الصغار

ببساطتهم العملاقةً غيروا الكثير من أرائي عن جيل الشباب اليوم  من جيل عاجز عن صنع نفسه و جعلوني أقتنع تماماً أن هنالك شباب قادر على صنع إنسان متطور فكرياً و مُدرك تماماً لما له من حقوق و ما عليه من و اجبات .. فهم في إعتقادي يمثلون الشباب المدرك لهموم و طنه و إنسانية المواطن ..
( شوارعية ) الطريق أماهم طويل و الليل أحلك و لكني واثق تماماً انهم قادرون على التوقد و الإشتعال لإنارة ( الشوارع ) بافكارهم الجميلة و الأنيقة .. أؤمن بذلك طالما ظلوا متماسكين و ممسكين بحبال أفكارهم التي ليس بينها وبين الشارع أي حجاب .. يخرجون للناس في الطرقات و الأرصفة يمنحونهم ماء إبداعهم من شعر و غناء و مسرح و بعض لوحات تشكيلية يعرضونها في الهواء الطلق و يطلقون عصافير المحبة و السلام ..
إنتهى عرضهم الإبداعي في ذلك المساء، مضوا و مضيت أنا و في رأسي خيال لهم و هم ينبتون كما السنابل في كل مدينة في هذا الوطن سبع سنابل و في كل سنبلة مائه ( شوارعي ) يوقدون الأمل في النفوس .. حقاً إستحقوا كل صفقة و جعلوني أعقد العزم على مطاردتهم في ( الشوارع ) كل خميس لأقتبس من إبداعهم بعض الضوء ..

إقرأ المزيد ›› Résuméabuiyad